هل يمكن أن يتعافى المريض الذي يعاني من الشلل لمدة سنتين؟

أحد عملائنا سأل: “منذ عامين، تعرضت والدتي لجلطة في الدماغ. خضعت للعلاج الطبيعي لكنها لم تتحسن. هل هناك فرصة للتحسن بعد ذلك؟”

من المهم جدًا أن يبدأ المرضى الذين تعرضوا للسكتة الدماغية (الشلل) بالعلاج الطبيعي في أقرب وقت ممكن. ففي الأشهر الستة الأولى، يكون معدل التحسن عاليًا بشكل ملحوظ. لكن هذا لا يعني أن التحسن لا يمكن أن يحدث بعد سنة أو حتى سنتين. هناك بعض المعتقدات الخاطئة حول السكتة الدماغية (الشلل) منتشرة في المجتمع، وحتى داخل النظام الصحي. ومن أبرز هذه المعتقدات الخاطئة التي نواجهها كثيرًا:

عندما يُصاب المريض بالسكتة الدماغية، يُنقل إلى قسم الطوارئ ثم إلى وحدة العناية المركزة. بعد ذلك، يُنهي تعامله مع جراحة المخ والأعصاب وطب الأعصاب، ويخرج من العناية المركزة. في بعض الحالات، يُقال لأقارب المريض: “خذوا مريضكم إلى المنزل ليرتاح لمدة شهر أو شهرين، وبعدها ابدأوا بالعلاج الطبيعي.” هذا خطأ كبير، وللأسف لا يزال يحدث. من الخطأ تمامًا اتباع نهج “دع المريض يرتاح في المنزل لمدة شهر أو شهرين.” يجب أن يبدأ العلاج الطبيعي في أقرب وقت ممكن بعد أن يتجاوز المريض مرحلة الخطر وتستقر حالته.

بعض المرضى يُطلق عليهم “مرضى رعاية” بسرعة، دون المرور بمرحلة إعادة التأهيل. ومن ثم يُرسلون إلى الرعاية المنزلية أو إلى عيادات رعاية المرضى. لدينا العديد من المرضى الذين استطعنا إعادتهم إلى الحياة اليومية بعد أن أخذناهم من عيادات الرعاية في المراحل المبكرة. لذلك، ينبغي توجيه المريض في البداية إلى عيادة يمكنه فيها تلقي إعادة تأهيل مكثفة، ويجب تحفيز قدرته على التعافي.

خطأ آخر شائع هو التفكير بأن “هذا المريض أصيب بالسكتة الدماغية منذ عامين أو خمسة أعوام، وبالتالي لم يعد لديه فرصة للتعافي. لا تضغطوا عليه وقدموا له الرعاية في المنزل.” في مثل هذه الحالات، يجب على أقارب المريض أولاً الحصول على مشورة من مركز متخصص في مجال إعادة التأهيل العصبي (العلاج من السكتات الدماغية وإصابات الدماغ) للحصول على توجيه صحيح.

مثل هذا المركز يضم مجموعة متنوعة من المتخصصين من مختلف التخصصات، مثل طبيب العلاج الطبيعي وإعادة التأهيل، أخصائي العلاج الطبيعي، أخصائي العلاج الوظيفي، فني العلاج الطبيعي، أخصائي علاج النطق والبلع، وأخصائي علاج الجهاز التنفسي. يقوم كل فرد في هذا الفريق بتقييم المريض من خلال منظور تخصصه الخاص، ويمكنهم بذلك تقديم توقعات حول قدرة المريض على التعافي.

في مركز شامل لإعادة التأهيل العصبي، سيقوم طبيب العلاج الطبيعي وإعادة التأهيل بتوجيه المريض وأقاربه. سيوضح لهم ما يمكن القيام به من أجل المريض، وكيف يمكن تحسين وظائفه. يجب أن يتعلموا هذه الأمور ويتبعوا هذ الطرق. وإذا كانت هناك وظائف معينة لا يُتوقع أن تتعافى، فمن الضروري معرفة ذلك أيضًا من هذه العيادات التي أثبتت جدارتها في هذا المجال وتتعامل مع مثل هذه الحالات بشكل مهني.

الاعتقاد بأن “لقد مر عامان، ولم يعد بإمكانه التعافي” خاطئ تمامًا. ربما لم يحصل المريض على إعادة التأهيل المناسبة خلال هذين العامين. ربما كان يعاني من مرض مثل السكري ولم يتم ضبطه بشكل جيد، مما منع الأنسجة العصبية من فرصة الشفاء. أو ربما كان لديه اضطراب في نظم القلب، وكان يعاني من سكتات دماغية صغيرة متكررة. لذلك، يجب تحديد هذه العوامل بدقة. ينبغي التركيز على كيفية تحسين أنشطة الحياة اليومية للمريض، وتعزيز وظائفه، وزيادة جودة حياته.

يجب تحديد أهداف بناءً على حالة كل مريض. على سبيل المثال، بالنسبة لمريض طريح الفراش لمدة عامين، فإن تمكينه من الجلوس بمساعدة خفيفة أو دون مساعدة يمكن أن يحسن من جودة حياته واستقلاليته.

هل يستطيع الدماغ أن يشفي نفسه؟

كان يُعتقد سابقًا أن النسيج العصبي لا يمكن أن يتعافى أبدًا. ومع ذلك، أظهرت الدراسات أن هناك العديد من الخلايا الجذعية الاحتياطية في الدماغ. الخلايا الجذعية هي خلايا جاهزة للتخصص في وظائف معينة. إذا تم تدريب الخلايا الجذعية في الدماغ بشكل جيد، يمكنها إعادة تعلم الوظائف المفقودة.

النسيج العصبي قادر على الشفاء في كل الأعمار وفي كل المراحل. بالطبع، لدى الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 5 و10 سنوات قدرة أكبر على تجديد أدمغتهم. ولكن في كل الأعمار، يمتلك الدماغ القدرة على تجديد نفسه. وكما تعلمون، تُفتح العديد من الدورات التدريبية لكبار السن، حيث يمكنهم تعلم أشياء جديدة، مثل تعلم لغة جديدة، أو العزف على آلة موسيقية، أو حتى الالتحاق بالجامعة. كلما تعلم الناس أشياء جديدة، طال عمرهم، واستطاع الدماغ تجديد نفسه.

ومع ذلك، يجب التأكيد هنا على أهمية برامج إعادة التأهيل المكثفة والمتكررة والمستمرة. فالجلسات التي تستغرق نصف ساعة أو ساعة في العيادة لن تكون كافية لتحقيق الشفاء. يجب على المريض أن يطبق الأنشطة التي تعلمها في العيادة في حياته اليومية وفي منزله. من خلال تطبيقات إعادة التأهيل المكثفة والصحيحة، يمكن دائمًا تحقيق الشفاء في النسيج العصبي.