من بين الأسئلة التي تثير فضول المرضى الذين تعرضوا للسكتة الدماغية وأقاربهم هي: “هل السكتة الدماغية مؤقتة؟” و”هل يمكن علاج السكتة الدماغية؟”. في الواقع، السكتة الدماغية، بحسب تعريفها، تعني حدوث ضرر دائم في الدماغ. ومع ذلك، يمكن أن تتحسن الإعاقة والعجز الناتج عن السكتة الدماغية بمرور الوقت، مما يسمح للشخص الذي تعرض للسكتة الدماغية بالعودة إلى حياته الطبيعية. لتحقيق هذا التحسن، فإن العلاج الطبيعي وإعادة التأهيل أمران في غاية الأهمية.
تحدث السكتة الدماغية في غضون دقائق، لكن آثارها يمكن أن تستمر لسنوات.
تعطل تدفق الدم الذي يغذي الدماغ بسبب انسداد الأوعية الدموية في الدماغ أو حدوث جلطة أو نزيف دماغي يمكن أن يؤدي إلى تلف الدماغ في غضون دقائق. لذلك، من الضروري التعرف على السكتة الدماغية على الفور والبدء في العلاج الطبي في أقرب وقت ممكن. كلما بدأ العلاج في وقت مبكر، زادت فرصة التحسن.
يمكن الشفاء بالعلاج السريع والفعال.
يمكننا التفكير في علاج السكتة الدماغية على مرحلتين رئيسيتين. المرحلة الأولى هي العلاجات التي تُعطى في الدقائق والساعات الأولى بعد حدوث السكتة الدماغية، بمجرد وصول المريض إلى المستشفى، مثل الأدوية والجراحة. تهدف هذه العلاجات إلى فتح الأوعية الدموية واستعادة تدفق الدم وتقليل الوذمة داخل الجمجمة لمنع الخطر على الحياة. تكون العلاجات المخصصة لفتح الأوعية الدموية فعالة إذا تم تطبيقها في غضون 3 إلى 4.5 ساعات. بعد هذه الفترة، للأسف يصبح الضرر في الدماغ دائمًا، ولا يكون هناك إمكانية لإنقاذ الأنسجة الدماغية التي تعطلت الدورة الدموية فيها.
في هذه الحالة، كيف يمكن تحقيق الشفاء؟ هنا تأتي المرحلة الثانية من علاج السكتة الدماغية إلى الواجهة، وهي إعادة التأهيل العصبي.
ما هو إعادة التأهيل العصبي؟
التأهيل هو عملية تهدف إلى إعادة العضو المصاب إلى وظيفته السابقة أو مساعدة الفرد على التكيف مع حالته الجديدة. يدخل التأهيل ضمن مجال “العلاج الطبيعي والتأهيل” في الطب. يمكن تعريف إعادة التأهيل العصبي باختصار على أنه تأهيل الأمراض العصبية. يتم تطبيق برامج إعادة التأهيل العصبي على المرضى الذين يعانون من الشلل الناتج عن السكتة الدماغية.
في حالات الشلل الدماغي الناتج عن السكتة الدماغية، يبدأ برنامج إعادة التأهيل العصبي عادة بعد زوال الخطر على الحياة، أي في الغالب بعد أول 24 ساعة.
عملية الشفاء بعد السكتة الدماغية.
دماغنا هو أحد أكثر البنى تعقيدًا في الكون المعروف. إنه العضو الذي تتشكل فيه أفكارنا ومشاعرنا وذكرياتنا. كان يُعتقد سابقًا أن الدماغ ثابت إلى حد كبير، حيث ينمو ويتطور بسرعة في الرحم وأثناء الطفولة، ثم يبقى تقريبًا على حاله طوال حياة البالغين. من المعروف أن الأطفال يتمتعون بقدرة رائعة على تعلم أشياء جديدة. ومع ذلك، حتى في مرحلة البلوغ وفي الأعمار المتقدمة، لا يزال دماغنا يمتلك قدرة عالية على التكيف. تُعرف هذه القدرة باسم اللدونة العصبية أو “النورو بلاستيسية”.
اللدونة العصبية: مفتاح الشفاء من الشلل الدماغي.
اللدونة العصبية تشير إلى قدرة الدماغ على تغيير شكله مثل مادة بلاستيكية مرنة. عندما نتعلم التحدث بلغة جديدة أو العزف على آلة موسيقية، نختبر اللدونة العصبية بشكل مباشر. تُعتبر اللدونة العصبية العامل الأكبر في تحسن أعراض السكتة الدماغية.
الدماغ يحتوي على أجزاء فرعية متخصصة في وظائف مختلفة. إذا تعرض النسيج المسؤول عن حركة الذراع للتلف أثناء السكتة الدماغية، يفقد الشخص القدرة على تحريك ذراعه، مما يؤدي إلى الشلل. وإذا تعرض مركز الكلام للتلف، تظهر مشاكل مختلفة في اللغة أو الكلام. في علاج هذه المشكلات، يتم الاستفادة من آليات التعلم.
عند حدوث تلف في الدماغ، غالبًا ما يتأثر جزء صغير من حجم الدماغ، بينما يبقى الجزء الأكبر سليمًا. يمكن لدارات الأعصاب في الجزء السليم من الدماغ أن تتولى وظائف الأجزاء المتضررة من خلال إعادة التأهيل. يعد بدء العلاج الطبيعي مبكرًا، وتكرار التمارين بشكل مكثف، وتحفيز الدماغ بطرق علاجية جذابة، وتقديم ملاحظات حول جهود المريض من العناصر الأساسية لضمان تحقيق الشفاء بأقصى قدرة ممكنة.
أهمية العلاج الطبيعي في حالات السكتة الدماغية.
عملية الشفاء بعد السكتة الدماغية تتضمن نشاطًا مكثفًا من التدريب والتعلم. يمكننا تعلم لغة جديدة بأنفسنا، ولكن مع معلم جيد يمكننا القيام بذلك بشكل أسرع وأكثر دقة. يمكن اعتبار العلاج الطبيعي وإعادة التأهيل بمثابة مدرسة توجه الشخص في العودة إلى الحياة الطبيعية بعد تلف الدماغ. خلال عملية العلاج الطبيعي:
* يتم تقييم حالة المريض، وتحديد أهداف العلاج، واختيار الطرق التي سيتم اتباعها لتحقيق هذه الأهداف.
*تُستخدم العلاجات التي أثبتت فعاليتها في الدراسات العلمية السابقة.
* يتم إعادة تقييم المريض على فترات منتظمة، وتُجرى تغييرات في الأساليب عند الضرورة.
*تزيد التقنيات مثل إعادة التأهيل الروبوتي، والأنظمة المحوسبة، والواقع الافتراضي من فرص العلاج.
عملية الشفاء بعد السكتة الدماغية غالبًا ما تستغرق شهورًا أو سنوات، وقد تستمر مدى الحياة. بناءً على مرحلة الشفاء، يمكن أن يستمر إعادة تأهيل الشخص في عيادات العلاج الطبيعي الداخلية، أو وحدات العلاج الطبيعي الخارجية، أو من خلال برامج منزلية.